تقرير عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين بمحلية كتم وأريافها، في الفترة الزمنية من يوم 1 أكتوبر إلى يوم 30 نوفمبر.

من نحن؟

نحن منظمة مستقلة غير حكومية وغير ربحية تعمل على تعزير حقوق الإنسان والحريات الأساسية في السودان ومناطق أخرى حول العالم، ونقوم بذلك من خلال رصد إنتهاكات حقوق الإنسان، وتركز على رصد إنتهاكات حقوق الإنسان في السودان، ونعتقد أن جميع الناس لهم الحق في العيش في سلام وأمان من دون الخوف من الإنتهاكات والتمييز والعنف، ونؤمن بقوة وجود إنتهاكات حقوق الإنسان ممارس ضد المدنيبن، ونعلم أن هذه الإنتهاكات غالبًا ما تتم قمعها بسبب الحروب والصراعات والنزاعات، والمدنيين من النساء والاطفال هم الأكثر عّرضًا، رؤيتنا تخفيف ممارسات إنتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين، وتحقيق العدالة لضحايا إنتهاكات حقوق الإنسان.

خلفية عن مدينة كتم:

تعتبر كتم ثاني أكبر مدينة في ولاية شمال دارفور اقتصاديًا وسكانيًا بعد مدينة الفاشر، حيث تبعد عنها 100 كيلومترات غربًا، يسكن المدينة مجموعة من القبائل الإفريقية، الفور، التنجر، الزغاوة، والبرتي، بالإضافة إلى المجموعات الرعوية والاقليات البدوية العربية، وتمتاز المنطقة بتنوع أنشطتها الاقتصادية، حيث يمارس سكانها الزراعة، التجارة، والرعي كأنشطة رئيسية، كما تربط بينهم علاقات إجتماعية قوية وقيم تعزز التعاون والتكافل، ويُعد التنوع الثقافي والإجتماعي أحد أبرز ملامحها.

مع اندلاع حرب 15 أبريل لم تُسجل في البداية هجمات عسكرية في كتم خلال الأسابيع الأولى من القتال الذي بدأ في الخرطوم، إلا أن الاشتباكات اندلعت في كتم بعد حادثة مقتل ضابط في حرس الحدود تابع لمؤسس الميليشيا العربية موسى هلال، في 30 مايو 2023م، في أعقاب ذلك هاجمت قوات الدعم السريع مدينة كتم وامتدت هجماتها إلى مخيم كساب للنازحين، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 25 مدنيًا في الهجوم على المخيم والمدينة، كما دُمّر سوق المدينة، والمرافق العامة، وجزء كبير من مخيم كساب للنازحين.

في 4 يونيو 2023م استولت قوات الدعم السريع على حامية اللواء 22 في كتم، وما زالت هذه القوات تسيطر على المنطقة وتواصل إرتكاب إنتهاكات لحقوق الإنسان ضد المدنيين.

مقدمة:

في إطار جهودنا المستمرة لرصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين، قمنا خلال شهري أكتوبر ونوفمبر بجمع البيانات والشهادات من مصادر موثوقة، يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على أبرز الانتهاكات التي تم رصدها خلال الشهرين الماضيين في محلية كتم وأريافها مع تحليل الأنماط والاتجاهات المتعلقة بهذه الانتهاكات، ويستند التقرير إلى المعلومات الواردة من فرق الرصد الميدانية التابعة للمنظمة، والشكاوى المقدمة من الضحايا، بالإضافة إلى التقارير الإعلامية الموثوقة.

المنهجية

تم إعداد هذا التقرير باستخدام منهجية تقوم على:

1- جمع البيانات من الميدان عبر فرق الرصد المنتشرة في المنطقة المستهدفة.

2- تحليل الشكاوى الواردة من الضحايا وشهود العيان.

3- التحقق من صحة المعلومات بالتعاون مع مصادر مستقلة.

4- تصنيف الإنتهاكات حسب نوعها والمناطق التي حدثت فيها.

أنواع الانتهاكات الموثقة:

1- الاعتداءات الجسدية: رٌصدت منظمة افري-سود  15 حالة اعتداء جسدي خلال الشهرين الماضيين في محلية كتم واريافها، شملت 10 رجل و3 امرأة وطفلين قاصرين، تضمنت الانتهاكات الضرب المبرح بما في ذلك التعذيب النفسي والمعاملة على أساس التمييز العرقي، وباستخدام أدوات التعذيب المختلفة منها الحادة، مما تسبب في إصابات جسيمة وإصابات بالكسور متعددة.

2- الإعتقال التعسفي: رُصدت منظمة افري-سود 22 حالة إعتقال تعسفي من قبل قوات الدعم السريع ضد المدنيين عزل في محلية كتم خلال الشهرين الماضيين، معظمهم من الشباب وقادة المجتمع، حيث يتم إعتقال المدنيين من دون مذكرات قانونية أو تهم واضحة، ومن أبرز الحالات إعتقال سكرتير مخيم كساب للنازحين (إبراهيم آدم) بتاريخ 16 نوفمبر، ويتعرض المعتقلون للتعذيب، والضرب، وسوء المعاملة، ويُجبرون احيانًا على توقيع تعهدات باتباع الجهة التي تحتجزهم أو دفع أموال مقابل إطلاق سراحهم.

3- الاستهداف بالقصف والهجمات المسلحة: شهدت مناطق شمال وشرق ريفي كتم تحديدًا منطقتي بيري وكرقي هجمات مسلحة متكررة من قبل قوات الدعم السريع والمليشيات العربية المتحالفة معها، مما أدى إلى مقتل 15 مدنيًا وإصابة 25 آخرين، كما تم حرق 28 قرية بشكل كامل بما في ذلك المراكز الصحية والمدارس الموجودة في تلك المناطق ومن بين القتلى الذين سقطوا بتاريخ 25 نوفمبر (عبد الله، كوكو، وياسر ) من قرية كرقي شرقي مدينة كتم.

وفي السادس من أكتوبر 2024 استهدفت غارات جوية نفذتها طيران الجيش السوداني سوق مدينة كتم أسفر عن سقوط ثلاث ضحايا وإغلاق السوق بسبب القصف.

4- التهجير القسري: تسببت الهجمات المستمرة التي تشنها قوات الدعم السريع ومليشياتها العربية على القرى في تهجير آلاف المدنيين قسرًا من منازلهم، وسط غياب تام للإحصاءات الرسمية بسبب الهشاشة الأمنية وصعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة، ويعاني الفارون من الهجمات أوضاعًا إنسانية معقدة تتمثل في نقص حاد في الضروريات الأساسية من (الغذاء، المياه، والمأوى)، بالإضافة إلى غياب الخدمات الصحية الاولية والدعم الإغاثي.

إن استمرار الهجمات على القرى الآمنة يستدعي تدخلًا إنسانيًا عاجلًا لتقديم المساعدات الضرورية وحماية المدنيين، كما يتطلب الأمر تعزيز الجهود لتوثيق الإنتهاكات ومساءلة الأطراف المسؤولة.

تحليل الانتهاكات:

تشير البيانات المجمعة إلى تزايد حدة الانتهاكات خلال الشهرين الحاليين مقارنة بالأشهر الماضية، مع تصاعد استهداف المدنيين في المناطق الريفية من خلال حرق القرى وتهجير السكان من منازلهم، كما يُلاحظ النمط المتكرر لاستهداف المارة على الطرق الحيوية بظواهر النهب والسرقة، مما يزيد من معاناة السكان أثناء تنقلاتهم، ويعيق وصول المساعدات الإنسانية والسلع الاستهلاكية الأساسية.

وقد سُجلت المؤشرات التالية:

1- زيادة في معدلات استهداف المدنيين في المناطق الريفية، بما في ذلك حرق القرى وتهجير السكان مقارنة بالأشهر السابقة.

2- ارتفاع في معدلات الاحتجاز التعسفي واعتقال الشباب مقارنة بالأشهر السابقة.

3- انخفاض في معدلات القصف الجوي داخل مدينة كتم مقارنة بالأشهر السابقة.

4- تركُّز الانتهاكات في المناطق الريفية واستهداف المجموعات الأفريقية الزراعية بشكل أكبر مقارنة بالأشهر السابقة.

5- استمرار ظواهر قتل المدنيين، والعنف الجنسي، والتمييز العرقي.

التوصيات:

1- تناشد منظمة افري-سود الأطراف المتصارعة وقف الإنتهاكات ضد المدنيين فورًا واحترام القانون الدولي الإنساني لحماية الأرواح وضمان السلام والاستقرار.

2- توصى منظمة افري-سود الجهات المعنية المحلية والدولية على تعزيز الرقابة الدولية في المناطق المتأثرة والضغط على الأطراف المتنازعة لوقف الانتهاكات ضد المدنيين فوراً، وتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة للمهجرين وضحايا الانتهاكات.

3- تدعو منظمة افري-سود وسائل الإعلام المحلية والدولية على تسليط الضوء على الإنتهاكات ضد المدنيين لزيادة الوعي الدولي والضغط من أجل التحرك العاجل لوقف الانتهاكات حقوق الإنسان.

4- أيضاً تدعو منظمة افري-سود المنظمات الحقوقية تكثيف جهود التوثيق وإعداد ملفات قانونية لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

5- تدعو منظمة أفري-سود السلطات المحلية في كتم إلى التحقيق الفوري في الإنتهاكات الموثقة ومحاسبة مرتكبيه.

خاتمة:

يعكس هذا التقرير حجم الإنتهاكات المستمرة ضد المدنيين في محلية كتم بشمال دارفور خلال الشهرين الماضيين، ويبرز الحاجة الملحة إلى تكاتف الجهود المحلية والدولية لإيقاف هذه الإنتهاكات وضمان حماية الكرامة الإنسانية، وتُجدد منظمة أفري-سود إلتزامها الكامل بالوقوف إلى جانب المدنيين والدفاع عن حقوقهم في مواجهة الإنتهاكات المستمرة، مع مواصلة مراقبة الأوضاع عن كثب، ونأمل أن يُسهم هذا التقرير في دفع الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لحماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.

إعداد: منظمة افري-سود لرصد إنتهاكات حقوق الإنسان

التاريخ: 30 نوفمبر 2024

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *